بعد أن تجاهل تحذيرات برلمانية رسمت سيناريو الكارثة قبل عام.. بنموسى مطالب بالمثول أمام لجنة برلمانية بسبب وفاة مشجعة بالدار البيضاء
لا زالت وفاة الشابة نورا، مشجعة فريق الرجاء البيضاوي، بسبب التدافع أمام مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، يوم السبت الماضي، تلاحق المسؤولين العموميين عن تدبير الشأن الرياضي بالمملكة، حيث طلب فريق التقدم والاشتراكية لجنة القطاعات الاجتماعية للانعقاد، بحضور السيد وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، هذا الأخير الذي سبق أن توصل بتحذيرات برلمانية بهذا الخصوص منذ سنة دون أن يتفاعل معها.
وبالعودة إلى أرشيف الأسئلة الكتابية لمجلس النواب، نجد أن الفريق الحركي قدم سؤالا لبنموسى، بتاريخ 29 أبريل 2022، عبر النائب محمد والزين، وهو أيضا وزير الشباب والرياضة سابقا، بناء على حالة الفوضى التي شهدها ملعب الدار البيضاء خلال مباريات الرجاء والوداد ضمن منافسات دوري أبطال إفريقيا، جاء فيه "إذ نعبر عن استيائنا إزاء هذا التدبير اللامسؤول نسائلكم السيد الوزير حول التدابير التي تتخذونها لمعالجة هذه الاختلالات التي يتخبط فيها مركب محمد الخامس بصفة خاصة والملاعب المغربية بصفة عامة وتعزيز الحكامة الرياضية ببلادنا؟".
السؤال الذي لا زال يحمل عبارة "لم يجب عنه بعد"، سبق كارثة مباراة الرجاء والأهلي التي أدى سوء تنظيمها إلى وفاة الشابة نورا ذات الـ29 ربيعا، بعام كامل، ونبه إلى أن الجماهير الرياضية تعاني خلال المباريات التي يحتضنها مركب محمد الخامس، خاصة كما حدث في تنظيم مبارتي الرجاء والوداد يومي الجمعة والسبت 22 و23 أبريل 2022 واللتين تدخلان ضمن منافسات عصبة الأبطال الإفريقية.
وحملت المراسلة انتقادات لطريقة تسيير المركب والفوضى التي تعرفها بعض مرافقه الموكلة الى شركة التنمية المحلية "كازا إيفنت"، المشرفة على تسيير المركب، مبرزة أنها "لم تبذل أي مجهودات تذكر في تحسين جودة الخدمات، بل على العكس من ذلك تكتفي الشركة بشيء واحد هو بيع التذاكر واستخلاص نسبتها” ليبقى أكبر همها هو تقاسم مداخيل المباريات ومبيعات التذاكر مع الأندية في مقابل تنظيم کارثي داخل وخارج الملعب، تاركة الجماهير تعاني من سوء التنظيم، الذي تطبعه الفوضى".
ونبه السؤال إلى الغياب شبه الكلي للمنظمين وعدم توفر المراقبة عند ولوج المركب والمدرجات، التي تمتلئ عن آخرها وتتجاوز حمولتها بسبب عدم مراقبة التذاكر، بل إن الذين لا يحملون التذاكر يشكلون الأغلبية، بالإضافة الى مشكل البوابات الإليكترونية والتي تكون عادة إما معطلة أو بها خلل، كما أن القاصرين يملؤون المدرجات، وهي كلها عوامل كشفت عنها الصورة الكارثة قبل مباراة الرجاء والأهلي المصري وما رافقها من إقتحام المركب والاصطدامات في صفوف الجماهير وما نجم عنها من إصابات وجروح.
والملاحظ أن السيناريو نفسه تكرر في المباراة الأخيرة، أي بعد عام من تنبيه الفريق الحركي، الذي قال حينها إنه لولا الألطاف الإلاهية وتعقل الجماهير لوقعت الكارثة، واصفا تدبير "كازا إيڤنت" بـ"الفاشل والمنحط"وخصوصا بيع تذاكر مباراة الربع "هنا وهناك في دكاكين أكل عنها الدهر وشرب، وافتراضيا بتشتيت الجماهير في هذا الموقع أو ذاك، وبذلك تخلق مشاكل مجانية تمس بسمعة رياضتنا على المستوى القاري والدولي وتعصف بالمكتسبات المحققة خاصة في ظل تطلع بلادنا إلى إحتضان المنافسات القارية والدولية".
وأصبح بنموسى، الذي لم يتفاعل مع هذا السؤال رغم أنه كان سابقا وزيرا للداخلية خلال الفترة ما بين 2006 و2010 قبل أن توكل إليه السلطة الحكومية المكلفة بالقطاع الرياضي في الحكومة الحالية، مطالبا بالمثول أمام البرلمان، بناء على طلب فريق التقدم والاشتراكية، بعدما "تجاهل" سيناريو ما جرى مؤخرا، والذي رسمه سؤال حزب الحركة الشعبية، رغم أنه كان من الممكن تفاديه حين برزت مؤشراته قبل عام.
وأورد الفريق التقدمي الاشتراكي أن طلبه يأتي بالنظر إلى الضرر الجسيم الذي تلحقه مثل هذه الأحداث على صورة المملكة وطموحاتها في تنظيم أرقى المنافسات الرياضية، والكروية منها أساساً، بما في ذلك المونديال، وبالنظر إلى أن تنظيم ولوج الملاعب الرياضية، الذي تُشرف عليها أحياناً شركات مُفَوَّضَة، يشوبُهُ، في عدد من المناسبات، كثير من الازدحام والتدافع والفوضى والعبث والعشوائية، والمحاباة كذلك، مسجلا عدم تمكن مواطنات ومواطنين من الدخول إلى الملاعب رغم اقتنائهم للتذاكر في عدة حالات.
وأوردت الوثيقة أن الموضوع يكتسي أبعادا هامة، أمنية واجتماعية وتدبيرية ورياضية وسياسية، تندرج كلها ضمن مقاربات الحكامة المعتمدَة في تدبير الملاعب والمنافسات الرياضية الاحترافية، والكروية منها على وجه التحديد، مبرزا أنه من اللازم التقديم الشفاف للبرلمان، ومن خلاله إلى الرأي العام الوطني، حيثيات وملابسات ومسؤوليات وفاة المواطنة المشجعة، كما أنه من المفيد مناقشة وإطلاع البرلمان حول التدابير التي يتعين على الحكومة المبادرة إلى اتخاذها، بتعاون مع الجهات المعنية الأخرى، من أجل القطع مع أساليب العبث التي تنهجها بعض الأطراف المحسوبة على الرياضة الوطنية، لا سيما في مجال تدبير المنافسات الرياضية والولوج إلى الملاعب وتدبير التذاكر.